الاثنين، 10 نوفمبر 2014

(10) تنمية القيم البيئية


إذا كان اختلال القيم هو لب المشكلات البيئية، وأن القيم تكتسب الصفة الاجتماعية من سلوك الناس تجاه بيئتهم، ويحكم على هذه القيم بالسلب أو الإيجاب من نتائج علاقة الإنسان معها، أي أن مشكلة البيئة في الأساس هي "مشكلة أخلاقية" تتجلى في مسئولية الإنسان وسلوكه تجاهها، ومن ثم لن تستطيع الحكومات وحدها حماية البيئة دون مشاركة فعالة من جانب الإنسان حتى نستطيع أن نصل إلى حل سليم لحماية البيئة، ومساعدة الأفراد على اكتساب وتنمية القيم والاتجاهات والأخلاقيات الايجابية نحو صيانة البيئة، والعمل على التخلص من السلوكيات السلبية تجاه البيئة.
وسوف نتناول في هذه المحور مفهوم كل من القيم والقيم البيئية، وأهمية تكوينها وتنميتها وخصائصها، ومستوياتها وطرق تصنيفها، واستراتيجيات تكوينها وتنميتها، وطرق قياسها، على النحو التالي:

أولا: مفهوم القيم :
يختلف علماء التربية وعلم النفس في تعريفهم للقيم، فمنهم من ينظر إليها على أنها " معتقدات ووجهات نظر ومشاعر وأهداف، يعتز بها الفرد، و يختارها دون غيرها، بعد تفكير ومفاضلة بينها وبين بدائل أخرى، كما أنه يبينها ويتمسك بها، إذا ما تعرضت للتهديد أو للهجوم من الآخرين، وتنعكس على سلوك الفرد، وكثيرًا ما تكون ماثلة في كيان الفرد وحياته وتؤثر عليه " .
وهناك من ينظر للقيم على أنها موجهات للسلوك حيث تعرف بأنها " مجموعة من المعايير والمقاييس المعنوية بين الناس يتفقون عليها فيما بينهم ويتخذون منها ميزانًا يزنون به أعمالهم، ويحكمون بها على تصرفاتهم المادية والمعنوية، وهي مقياس أو مستوى أو معيار نستهدفه في سلوكنا وينظر إليه على أنه مرغوب فيه أو مرغوب عنه ".
ويبين آخرون أن القيم تعد المعيار لسلوك الفرد، ذلك المعيار الذي يوجه تصرفاته وأحكامه وميوله ورغباته واهتماماته والذي على ضوئه يرجح أحد بدائل السلوك، وأن الفعل أو السلوك الذي يصدر عنه وسيلة يحقق بها توجهاته القيمية في الحياة، وان القيمة هي صفة ذات أهمية لاعتبارات اجتماعية أو أخلاقية أو جمالية وتتسم بسمة الجماعة في الاستخدام وبصفة عامة تعتبر بمثابة موجهات للسلوك.
وهناك من يرى أن القيم فعل اجتماعي وأنها نشاطات أو مواقف أو موضوعات تنمو وتستقر في المجتمع وتمارس من قبل الأفراد فيه وتصبح معايير لقياس سلوكهم وتصرفاتهم وتقوم القيم بدور " الدافع " أو " المحرك " للسلوك ، وبالتالي تدعو إلى اختيار هذا الفعل وترك ذلك إلى تفضيل هذا السلوك عن غيره.
وبالرغم من الاختلاف الواضح في مفهوم القيم إلا أن هناك شبه إجماع على أن القيم هي "مجموعة أحكام يصدرها الفرد على تصرفاته المادية والمعنوية، وأنها بمثابة مبادئ أو قواعد أو مثل عليا أو مقاييس أو معايير أو موجات توجه تصرفاته وميوله ورغباته واهتماماته، وهي موازين تحدد له ما يجب أن يفعله وما لا يجب أن يفعله، وما يجوز وما لا يجوز و ينظر من خلاله لهذا السلوك أو ذاك على أنه مرغوب فيه أو مرغوب عنه "

ثانيًا: مفهوم القيم البيئية:
وبقدر اختلاف العلماء حول مفهوم القيم فهم يختلفون في تعريفهم للقيم البيئية، فمنهم من ينظر إليها على أنها : " الأحكام المعيارية والمبادئ والمثل العليا، التي يتشربها الفرد من خلال انفعاله وتفاعله مع الخبرات المختلفة، ويسعى إلى تحقيقها حتى تكون بمثابة موجهات لسلوكياته تجاه البيئة، للمحافظة عليها، والعمل على معالجة مشكلاتها، وبذلك تصبح محكًا لاختيار أهدافه وطريقته في معالجة مواقف الحياة المرتبطة بالبيئة.
وهناك من ينظر للقيم البيئية على أنها: الأحكام العقلية الانفعالية المتعلقة بمكونات البيئة الطبيعية والإنسانية ذات الصلة المباشرة بعناصر البيئة الطبيعية، الموجهة لسلوك الفرد، وهي معايير للسلوك الفردي والاجتماعي.
ويعرفها آخرون بأنها " الأحكام التي يصدرها الفرد بالتفضيل أو عدم التفضيل إزاء المواضيع البيئية وذلك في ضوء تقييمه وتقديره لهذه المواضيع البيئية، وتتم هذه العملية من خلال التفاعل بين الفرد بمعارفه وخبراته وبين الإطار الفكري الحضاري الذي يعيش فيه واكتسب من خلاله هذه الخبرات والمعارف".
ويعرفها " اللقاني وفارعة " بأنها مجموعة المعتقدات التي يعتز بها الفرد بعد أن يختارها دون غيرها، ويبينها ويتمسك بها، وهي معايير للسلوك، يختارها الفرد ويوافق عليها ويؤمن بها ويلتزم بها ويحافظ عليها.
ويعرفها آخرون بأنها الأحكام العقلية الانفعالية المتعلقة بمكونات البيئة الطبيعية، والإنسانية ذات الصلة المباشرة بعناصر البيئة الطبيعية، الموجه لسلوك التلاميذ بيئيًا، وهي معايير السلوك الفردي والاجتماعي نحو البيئة.
ويقصد بالقيم البيئية في هذا البحث:
" مجموعة القواعد التي يتخذها تلميذ الصف الأول الإعدادي، للحكم على مدى صلاحية سلوكه تجاه البيئة ومكوناتها، والتي يختارها، ويوافق عليها، ويعتز بها، ويؤمن بها، ويلتزم بها في المواقف البيئية المختلفة "

ثالثًا: أهمية تكوين وتنمية القيم البيئية:
إذا كانت المشكلات البيئية لا تخرج عن كونها أزمة قيم، وهي بالدرجة الأولى سلوكيات ناتجة عن غياب القيم البيئية المتعلقة بطريقة معاملة الإنسان للبيئة، فاستحكمت به سلوكيات الأنانية والإسراف، فانعكس كل هذا على البيئة بمكوناتها آثارًا مدمرة، لذا وجب على الإنسان أن يبين أنه لابد أن يغير من أفعاله، لإنقاذ نفسه، وإنقاذ بيئته، ولما كانت أولى وأهم وظائف التربية هي تكوين القيم لتعديل سلوكيات الأفراد، لذا صار عليها أن تقدم عملا تربويًا مخططًا ومنظمًا ومستمرًا، للقيام بدور فعال في خلق القيم البيئية لفهم مشكلات البيئة على نحو أفضل.
لا شك أن تعليم وتنمية القيم البيئية يُعد أحد الأهداف الأساسية للمجتمعات البشرية، إذ أن الفرد ينمو ويتطور في مجتمع بشري كله موازين، تحدد له ما يجب أن يفعله وما لا يجب أن يفعله، وما يجوز ومالا يجوز، وهذه الموازين هي التي يطلق عليها علماء النفس الاجتماعي مصطلح القيم.
فلا تنتهي رسالة التربية في المؤسسات التعليمية عند مجرد تزويد التلاميذ بمجموعة من المعلومات والمفاهيم والمهارات، بل يجب إكسابهم القيم التي يراها المجتمع ويتفق عليها، كما يجب على هذه المؤسسات أن تعمل على تعديل وتنمية قيم تلاميذها بما يتلاءم وأهداف التربية والمجتمع.
وإذا كانت القيم تمثل لب التربية عامة فهي تمثل لب التربية البيئية، فالتربية البيئية تهدف إلى تنمية القيم، وتوضيح المفاهيم، وتنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط الإنسان وثقافته وبيئته البيوفيزيائية، كما أنها تعني التمرس على اتخاذ القرارات ووضع قانون السلوك بشأن الوسائل المتعلقة بنوعية البيئة".
كما تعتبر القيم من أكثر الموضوعات تداولاً في عالم التربية، وذلك لاتصالها الوثيق بالسلوك الإنساني، فالإنسان يسلك هذا السلوك أو ذاك، بناءً على قيم وهي موجهات ومعايير تحدد له أن يختار هذا أو ذاك، وأن العمل الموجه نحو غرس وتنمية القيم لدى المتعلم هو ما يسمى " التربية القيمية "، والقيم توجه سلك الفرد إلي الاختيارات المرغوب فيها، وتنظم علاقاته بالآخرين، فالقيم والتربية وجهان لعملة واحدة، وبدون القيم لا تكون التربية، وبدون التربية لا يتم غرس القيم والسلوك القيمي في نفوس النشء .
ومن ثم فإن عملية التربية معنية بأمر تنمية القيم، والتي من شأنها أن تهيئ الفرد ليسلك سلوكًا رشيدًا نحو البيئة، وإذا كان الجانب المعرفي مهم وأساسي، إلا أن الجانب الوجداني هو الوعاء الذي يضم النظام القيمي، وما يسانده من مفاهيم، وما يتبعه من قدرة على اتخاذ القرارات والمهارات الأدائية، وإذا كانت أي مادة دراسية تعني بالمعرفة عامة، فهي تعني أيضًا بدراسة القيم، فالإنسان هو الذي يتخذ القرار، استنادًا إلى مفاهيم معينة وقيم خاصة
حيث لا سبيل إلى إحداث تغيرات في السلوك البشري تجاه البيئة إلا باعتقاد الفرد لمجموعة من القيم البيئية التي تصبح أساسًا لسلوكيات سوية، وتعد القيم البيئية بمثابة المعايير الأساسية لغيرها من القيم الفرعية المرتبطة بها، ذلك أن السلوك الايجابي تجاه البيئة لن يتأتى دون استيعاب الإنسان لتلك القيم .
وتعتبر المدرسة من أهم المؤسسات التربوية في المجتمع، حيث تؤثر في مفاهيم الفرد المتعلم وفي تكوين معتقداته و سلوكه، كما أنها تعمل على تزويد الفرد المتعلم مجموعة من المهارات وأساليب التفكير والقيم لكي يستطيع أن يتكيف مع نفسه ومع الآخرين، فالمدرسة تلعب دورًا لا يمكن إغفاله في ترسيخ القيم الأخلاقية حيث تستخدم طرقًا مباشرة ومقصودة، وذلك بتناول هذه القيم والتأكيد على ضرورة التمسك بها .
والاهتمام بتعليم القيم البيئية وتعلمها له مردود تربوي متعدد الجوانب، حيث:
1. تساعد في تشكيل شخصية الفرد وغاياته وأهدافه ووسائل تحقيقها.
2. تعد عاملاً مؤثرًا في سلوك الفرد ومقدرته على التكيف مع البيئة.
3. تساعد الفرد على تحمل المسئولية تجاه حياته وتجاه الآخرين.
4. تمثل إطاراً مرجعيًا يحكم تصرفات الإنسان في حياته وضبط سلوكه، ويعتمد عليها في تقييم سلوكه وسلوك الآخرين .

رابعًا: خصائص القيم البيئية:
1. لها أبعاد اجتماعية لأنها لا تصدر إلا في سياق اجتماعي.
2. متعلمة سواء كان تعلمها بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة.
3. علاجية وقائية للتغلب على المشكلات البيئية وطريقة علاجها.
4. مكتسبة تتكون نتيجة احتكاك الفرد بالمواقف المختلفة.
5. نسبية تختلف من مكان إلى آخر حسب ظروف البيئة والمشكلات البيئية التي يعاني منها، وتختلف من شخص إلى آخر.
6. ذاتية أي يؤمن بها الفرد وتؤمن بها المؤسسات بالمجتمع وهيئاته.
7. لها ما يسمى بالموقف القيمي، بمعنى أن هناك دوافع كامنة وراء أحكام الأفراد بشأن القضايا البيئية.
8. مرتبة فيما بينها ترتيبًا هرميًا وترتفع بعض القيم وتنخفض الأخرى وذلك تبعًا للظروف البيئية ورغبات واهتمامات الأفراد.
9. لكل منها مصطلح يدل عليها.
10. تتميز بالثبات النسبي إلا أنها قابلة للتغير نتيجة التفاعل المستمر بين الفرد والبيئة، ونتيجة لمرور الفرد بمواقف الفشل والإحباط والضغوط الشديدة.
11. موجهات للسلوك الإنساني تجاه البيئة وتقوم بتوجيه سلوك الفرد وتعمل على اتزانه.
12. أعم وأشمل وأعمق من الاتجاهات البيئية، فكل قيمة تتكون لدى الفرد هي محصلة لمجموعة من الاتجاهات التي تتماسك وتتكامل في نسق قيمي معين.

خامسًا: مستويات القيم البيئية:
ويصنف البعض القيم البيئية إلى ثلاث مستويات كما يلي:
o مستوى التقبل: وهو تقبل انفعالي لقضية ما أو مبدأ ما أو موضوع ما على أساس يعتبره الفرد ضمنيًا أساسًا ملائمًا.
o مستوى التفضيل: مستوى يقع بين مستوى التقبل ومستوى الالتزام ويتمثل في اندماج الفرد في موضوع القيمة.
o مستوى الالتزام: وهو التقبل الكامل لموضوع القيمة على أسس انفعالية معينة.

سادسًا: تصنيف القيم البيئية:
تصنف القيم البيئية حسب رأي مجموعة من الباحثين إلى عدة عناصر تبعاً لنوعية الدراسة وهدفها والفئة المستهدفة، نورد منها ما يلي:
§ صنف البعض القيم البيئية إلى : قيم المحافظة على البيئة وقيم الاستغلال الرشيد للموارد، وقيم الإيمان والاعتقاد بأهمية البيئة.
§ وتصنف إلى : قيم حماية البيئة من التلوث، وقيم المحافظة على الموارد من الاستنزاف، وقيم المحافظة على جمال الطبيعة، وقيم المسؤولية الاجتماعية نحو البيئة، والقيم العلمية، وقيم المشاركة الايجابية في البيئة، وقيم الانتماء للبيئة.
§ وتصنف إلى : قيمة تذوق جمال البيئة، وقيمة المحافظة على الموارد البيئية، وقيمة تقدير القيمة الاقتصادية للآثار التاريخية، وقيمة الاستغلال الأمثل لموارد البيئة، وقيمة المشاركة الايجابية في تحسين البيئة.
§ وتصنف كما يلي: قيم الاستفادة من الموارد ، وقيم تدعيم الحياة، والقيم الترويحية، والقيم العلمية الطبيعية، والقيم الجمالية، وقيم الحياة، وقيم الوحدة والتنويع وقيم العفوية والاستقرار والقيم الجدلية والقيم المقدسة.
§ كما تصنف إلى سبعة أقسام رئيسة هي:
o قيم المحافظة على الموارد الطبيعية الدائمة: مثل المحافظة على الموارد المائية وتنميتها، والمحافظة على الهواء، والمحافظة على الشواطئ والبحار من التلوث.
o قيم المحافظة على الموارد الطبيعية المتجددة: مثل المحافظة على الثروة النباتية، والمحافظة على الثروة الحيوانية، والمحافظة على التربة والمساحات الخضراء.
o قيم المحافظة على الموارد الطبيعية غير المتجددة: مثل المحافظة على الثروة المعدنية، والمحافظة على المحميات الطبيعية.
o قيم المحافظة على صحة البيئة: مثل النظافة والرعاية الصحية، والمحافظة على الغذاء من التلوث، والمحافظة على البيئة من التلوث الضوضائي، والتوافق البيئي .
o قيم بيئية تخطيطية و تشريعية: مثل التخطيط، واحترام القوانين، والإدارة البيئية.
o قيم بيئية حضارية: مثل نبذ المعتقدات الخرافية، والتوازن الخدمي بين الريف والحضر، وحماية التراث الحضري، والمشاركة في تحسين البيئة.
o قيم بيئية سياسية و اقتصادية: مثل ترشيد استخدام الموارد، والسلام، وقيمة الأمن.
o قيم بيئية تعليمية: مثل التثقيف البيئي، و إدراك بعد الزمن، والمحافظة على البيئة من التلوث الثقافي، القيم الجمالية

سابعًا: استراتيجيات تكوين القيم البيئية وتنميتها:
وتم التوصل إلى مجموعة من الطرق لعل من أهمها:
1. طريقة التشرب: وتقوم على التثقيف البيئي على أساس أن المعارف البيئية التي يتعلمها الفرد ويعرفها سوف تؤدي إلى تعلم القيم البيئية دون تدخل.
2. طريقة النمو الخلقي: باستخدام الموقف المشكلة التي تتضمن صراعات التوقعات والأدوار حول القيم وأن تتيح للمتعلم الفرصة لاختبارات كثيرة للسلوك.
3. طريقة التلقين: تقوم على أساس وضع الفرد المتعلم على اختيار قيم محددة، وتتبع عدة طرق منها التعزيز ولعب الأدوار.
4. طريقة تحليل القيم من خلال تحليل القضايا المجتمعية وفحص القيم المرتبطة بها، عن طريق عرض الأحداث الجارية أو تدريبات لعب الأدوار.
5. طريقة العمل: وتعتمد على التعلم خارج حجرة الدراسة وعلى التعلم المبني على الخبرة والمجتمع المحلى.
6. طريقة توضيح القيم: حيث تقدم المشكلة القيمية، و يناقش المتعلم بشأن موقفه منها.
7. طريقة التعليم الاندماجي: من خلال التأكيد على الربط بين الجانب المعرفي والانفعالي، في تعليم القيم على أساس تكاملي.
8. طريقة تعديل السلوك: حيث يتم فيها تعديل السلوك وتشكيله على أساس استخدام أنماط التعزيز الخارجية.
ويمكن أن يتم تعلم القيم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وعندما يشرع الفرد في تكوين قيمة من مجموعة من المعلومات تشكل ما لديه من معتقدات وتتجمع المعتقدات في صورة اتجاهات تتجمع بدورها، وتتوحد مكونة نظامًا من القيم يقود سلوك الفرد ويوجهه، ويبدأ الفرد في تنمية قيمه الخاصة عندما يبدأ بدراسة البدائل ويتعرف على الآثار والنتائج المترتبة على كل بديل إزاء كل منها قبل أن يبدأ في العمل، ويوجد عدة طرق لتكوين القيم البيئية من أهمها:
1. يتعلم التلاميذ القيم عن طريق تقليدهم الكبار بطريقة واعية أو غير واعية باعتبار أن سلوك الكبار هو السلوك المثالي، وهذا غير كاف لتكوين قيم تستمر وتبقى.
2. بيئة الفرد: حيث يتشرب الأفراد كثيرًا من القيم من الثقافة السائدة في المجتمع.
3. الإقناع: وذلك بعرض الحجج والأسانيد مما لا يستطيع المستمع لها إلا أن يتقبلها راضيَا ومقتنعًا بها، علمًا بأن مجرد الإقناع لا يكفي.
4. الخضوع لقوانين تحتم على الفرد سلوكًا معينًا، وبصورة مستمرة، حتى يتصرف الفرد تلقائيًا بالصورة المرجوة، لكن ذلك من شأنه أن ينشئ قيمًا غير وطيدة وسرعان ما تهوى.
5. تعليم القيم من خلال الخبرة: بالتعرض للخبرات الانفعالية المختلفة فإذا كانت الخبرة الانفعالية الناتجة عن موقف معين كان الاتجاه إزاءها موجبًا أو العكس.
ويرى بعض الباحثين أن اكتساب القيم يمر بخمسة مراحل:
1. جذب انتباه المتعلم نحو القيمة: وهي مرحلة وعي المتعلم وحساسيته للمثيرات المحيطة به ورغبته في استقبالها وضبط انتباهه وتوجيهه نحو مثيرات معينة.
2. تقبل القيمة: ويعني الاندماج في الموضوع أو الظاهرة مع الشعور بالارتياح لذلك.
3. تفضيل القيمة: عندما يعطي المتعلم قيمة أو تقدير للأشياء أو الظواهر أو الأفكار، ويسلك سلوكًا ثابتًا إزاء بعض الموضوعات.
4. التنظيم: ويقف فيه المتعلم على العلاقات المتبادلة بين مختلف القيم ويعيد تنظيمها في منظومة قيمية مبينًا ترتيب هذه القيم ومدى سيادة كل منها على القيم الأخرى.
5. التمييز: حيث يستجيب فيه المتعلم استجابة متسقة للمواقف المشحونة بالقيم، وفقًا للقيم التي يتبناها و يعتقدها، وفي هذا المستوى يتم إصدار السلوك دون استثارة للانفعالات .

ثامنًا: طرق قياس القيم البيئية:
يقتضى تعليم وتعلم القيم قياس هذه القيم لدى التلاميذ، وأهم الطرق التي يمكن استخدامها في قياس القيم البيئية ما يلي:
o الملاحظة: حيث يتم من خلالها تعرف السلوك الفعلي للفرد، والذي تحركه مجموعة من القيم والاتجاهات، التي تتماسك وتتكامل في نسق قيمي معين.
o المقابلة الشخصية: وتأخذ صورًا عديدة مثل القصص ذات النهايات المفتوحة، والصور ذات المشكلات البيئية أو الاجتماعية، والأسئلة المباشرة وغيرها.
o المقاييس: وهي مجموعة من المثيرات التي تقيس بطريقة كمية أو كيفية، العمليات العقلية أو النفسية، وقد تكون في صورة أسئلة شفهية أو تحريرية أو مواقف أو عبارات أو رسومًا أو صورًا، والمقياس يعطي نوعًا من الدرجات، أو يقدم تصنيفًا وصفيًا أو كليهما معًا

ليست هناك تعليقات: