الاثنين، 17 نوفمبر 2014

(35)تنمية القيم البيئية و مناهج العلوم


إذا كان اختلال القيم هو لب المشكلات البيئية، وأن القيم تكتسب الصفة الاجتماعية من سلوك الناس تجاه بيئتهم، ويحكم على هذه القيم بالسلب أو الإيجاب من نتائج علاقة الإنسان معها، أي أن مشكلة البيئة في الأساس هي "مشكلة أخلاقية"  تتجلى في مسئولية الإنسان وسلوكه تجاهها، ومن ثم لن تستطيع الحكومات وحدها حماية البيئة دون مشاركة فعالة من جانب الإنسان حتى نستطيع أن نصل إلى حل سليم لحماية البيئة، ومساعدة الأفراد على اكتساب وتنمية القيم والاتجاهات والأخلاقيات الايجابية نحو صيانة البيئة، والعمل على التخلص من السلوكيات السلبية تجاه البيئة ( ممدوح الجعفري، 2002، ص53).
وحيث إن هذا البحث يهدف إلى تنمية القيم البيئية، لذلك سوف نتناول في هذه المحور مفهوم كل من القيم والقيم البيئية، وأهمية تكوينها وتنميتها وخصائصها، ومستوياتها وطرق تصنيفها، واستراتيجيات تكوينها وتنميتها ، وطرق قياسها، على النحو التالي:
أولا: مفهوم القيم :
يختلف علماء التربية وعلم النفس في تعريفهم للقيم، فمنهم من ينظر إليها على أنها " معتقدات ووجهات نظر ومشاعر وأهداف، يعتز بها الفرد، و يختارها دون غيرها، بعد تفكير ومفاضلة بينها وبين بدائل أخرى، كما أنه يبينها ويتمسك بها، إذا ما تعرضت للتهديد أو للهجوم من الآخرين، وتنعكس على سلوك الفرد، وكثيرًا ما تكون ماثلة في كيان الفرد وحياته وتؤثر عليه " (أحمد اللقاني وفارعة حسن، 2003، ص 287).
وهناك من ينظر للقيم على أنها موجهات للسلوك حيث تعرف بأنها " مجموعة من المعايير والمقاييس المعنوية بين الناس يتفقون عليها فيما بينهم ويتخذون منها ميزانًا يزنون به أعمالهم، ويحكمون بها على تصرفاتهم المادية والمعنوية، وهي مقياس أو مستوى أو معيار نستهدفه في سلوكنا وينظر إليه على أنه مرغوب فيه أو مرغوب عنه " ( إيمان شرف، 2008، ص39).
ويبين آخرون أن القيم تعد المعيار لسلوك الفرد، ذلك المعيار الذي يوجه تصرفاته وأحكامه وميوله ورغباته واهتماماته والذي على ضوئه يرجح أحد بدائل السلوك، وأن الفعل أو السلوك الذي يصدر عنه وسيلة يحقق بها توجهاته القيمية في الحياة، وان القيمة هي صفة ذات أهمية لاعتبارات اجتماعية أو أخلاقية أو جمالية وتتسم بسمة الجماعة في الاستخدام وبصفة عامة تعتبر بمثابة موجهات للسلوك ( أماني عبد المقصود وعواطف محمود، 2008، ص 188).
وهناك من يرى أن القيم فعل اجتماعي وأنها نشاطات أو مواقف أو موضوعات تنمو وتستقر في المجتمع وتمارس من قبل الأفراد فيه وتصبح معايير لقياس سلوكهم وتصرفاتهم وتقوم القيم بدور " الدافع " أو " المحرك " للسلوك ، وبالتالي تدعو إلى اختيار هذا الفعل وترك ذلك إلى تفضيل هذا السلوك عن غيره ( عايش زيتون، 2004، ص 65).
وبالرغم من الاختلاف الواضح في مفهوم القيم إلا أن هناك شبه إجماع على أن القيم هي "مجموعة أحكام يصدرها الفرد على تصرفاته المادية والمعنوية، وأنها بمثابة مبادئ أو قواعد أو مثل عليا أو مقاييس أو معايير أو موجات توجه تصرفاته وميوله ورغباته واهتماماته، وهي موازين تحدد له ما يجب أن يفعله وما لا يجب أن يفعله، وما يجوز وما لا يجوز و ينظر من خلاله لهذا السلوك أو ذاك على أنه مرغوب فيه أو مرغوب عنه "
ثانيًا: مفهوم القيم البيئية:
وبقدر اختلاف العلماء حول مفهوم القيم فهم يختلفون في تعريفهم للقيم البيئية، فمنهم من ينظر إليها على أنها : " الأحكام المعيارية والمبادئ والمثل العليا، التي يتشربها الفرد من خلال انفعاله وتفاعله مع الخبرات المختلفة، ويسعى إلى تحقيقها حتى تكون بمثابة موجهات لسلوكياته تجاه البيئة، للمحافظة عليها، والعمل على معالجة مشكلاتها، وبذلك تصبح محكًا لاختيار أهدافه وطريقته في معالجة مواقف الحياة المرتبطة بالبيئة ( عصام الدين هلال، 2007، ص 178).
وهناك من ينظر للقيم البيئية على أنها: الأحكام العقلية الانفعالية المتعلقة بمكونات البيئة الطبيعية والإنسانية ذات الصلة المباشرة بعناصر البيئة الطبيعية، الموجهة لسلوك الفرد، وهي معايير للسلوك الفردي والاجتماعي ( الفت شقير وزينب حسن، 2006، ص519).
ويعرفها آخرون بأنها " الأحكام التي يصدرها الفرد بالتفضيل أو عدم التفضيل إزاء المواضيع البيئية وذلك في ضوء تقييمه وتقديره لهذه المواضيع البيئية، وتتم هذه العملية من خلال التفاعل بين الفرد بمعارفه وخبراته وبين الإطار الفكري الحضاري الذي يعيش فيه واكتسب من خلاله هذه الخبرات والمعارف" ( عبد المنعم المرزوقي، 2006، ص 34).
ويعرفها " اللقاني وفارعة " بأنها مجموعة المعتقدات التي يعتز بها الفرد بعد أن يختارها دون غيرها، ويبينها ويتمسك بها، وهي معايير للسلوك، يختارها الفرد ويوافق عليها ويؤمن بها ويلتزم بها ويحافظ عليها ( أحمد اللقاني وفارعة حسن، 2003، ص287).
ويعرفها آخرون بأنها الأحكام العقلية الانفعالية المتعلقة بمكونات البيئة الطبيعية، والإنسانية ذات الصلة المباشرة بعناصر البيئة الطبيعية، الموجه لسلوك التلاميذ بيئيًا، وهي معايير السلوك الفردي والاجتماعي نحو البيئة ( ألفت شقير وزينب حسن، 2006، ص519).
ويقصد بالقيم البيئية في هذا البحث:
" مجموعة القواعد التي يتخذها تلميذ الصف الأول الإعدادي، للحكم على مدى صلاحية سلوكه تجاه البيئة ومكوناتها، والتي يختارها، ويوافق عليها، ويعتز بها، ويؤمن بها، ويلتزم بها في المواقف البيئية المختلفة "


ثالثًا: أهمية تكوين وتنمية القيم البيئية:
إذا كانت المشكلات البيئية لا تخرج عن كونها أزمة قيم، وهي بالدرجة الأولى سلوكيات ناتجة عن غياب القيم البيئية المتعلقة بطريقة معاملة الإنسان للبيئة، فاستحكمت به سلوكيات الأنانية والإسراف، فانعكس كل هذا على البيئة بمكوناتها آثارًا مدمرة، لذا وجب على الإنسان أن يبين أنه لابد أن يغير من أفعاله، لإنقاذ نفسه، وإنقاذ بيئته، ولما كانت أولى وأهم وظائف التربية هي تكوين القيم لتعديل سلوكيات الأفراد، لذا صار عليها أن تقدم عملا تربويًا مخططًا ومنظمًا ومستمرًا، للقيام بدور فعال في خلق القيم البيئية لفهم مشكلات البيئة على نحو أفضل.
لا شك أن تعليم وتنمية القيم البيئية يُعد أحد الأهداف الأساسية للمجتمعات البشرية، إذ أن الفرد ينمو ويتطور في مجتمع بشري كله موازين، تحدد له ما يجب أن يفعله وما لا يجب أن يفعله، وما يجوز ومالا يجوز، وهذه الموازين هي التي يطلق عليها علماء النفس الاجتماعي مصطلح القيم               (محمد الحيلة، 2002، ص387) .  
فلا تنتهي رسالة التربية في المؤسسات التعليمية عند مجرد تزويد التلاميذ بمجموعة من المعلومات والمفاهيم والمهارات، بل يجب إكسابهم القيم التي يراها المجتمع ويتفق عليها، كما يجب على هذه المؤسسات أن تعمل على تعديل وتنمية قيم تلاميذها بما يتلاءم وأهداف التربية والمجتمع.
وإذا كانت القيم تمثل لب التربية عامة فهي تمثل لب التربية البيئية، فالتربية البيئية تهدف إلى تنمية القيم، وتوضيح المفاهيم، وتنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط الإنسان وثقافته وبيئته البيوفيزيائية، كما أنها تعني التمرس على اتخاذ القرارات ووضع قانون السلوك بشأن الوسائل المتعلقة بنوعية البيئة" ( ممدوح الجعفري، 2002، ص27).
كما تعتبر القيم من أكثر الموضوعات تداولاً في عالم التربية، وذلك لاتصالها الوثيق بالسلوك الإنساني، فالإنسان يسلك هذا السلوك أو ذاك، بناءً على قيم وهي موجهات ومعايير تحدد له أن يختار هذا أو ذاك، وأن العمل الموجه نحو غرس وتنمية القيم لدى المتعلم هو ما يسمى " التربية القيمية "، والقيم توجه سلك الفرد إلي الاختيارات المرغوب فيها، وتنظم علاقاته بالآخرين، فالقيم والتربية وجهان لعملة واحدة، وبدون القيم لا تكون التربية، وبدون التربية لا يتم غرس القيم والسلوك القيمي في نفوس النشء ( إيمان شرف، 2008، ص ص:40:39).
ومن ثم فإن عملية التربية معنية بأمر تنمية القيم، والتي من شأنها أن تهيئ الفرد ليسلك سلوكًا رشيدًا نحو البيئة، وإذا كان الجانب المعرفي مهم وأساسي، إلا أن الجانب الوجداني هو الوعاء الذي يضم النظام القيمي، وما يسانده من مفاهيم، وما يتبعه من قدرة على اتخاذ القرارات والمهارات الأدائية، وإذا كانت أي مادة دراسية تعني بالمعرفة عامة، فهي تعني أيضًا بدراسة القيم، فالإنسان هو الذي يتخذ القرار، استنادًا إلى مفاهيم معينة وقيم خاصة (أحمد اللقاني وفارعة حسن، 2003، ص ص 283:281).
حيث لا سبيل إلى إحداث تغيرات في السلوك البشري تجاه البيئة إلا باعتقاد الفرد لمجموعة من القيم البيئية التي تصبح أساسًا لسلوكيات سوية، وتعد القيم البيئية بمثابة المعايير الأساسية لغيرها من القيم الفرعية المرتبطة بها، ذلك أن السلوك الايجابي تجاه البيئة لن يتأتى دون استيعاب الإنسان لتلك القيم (عصام الدين هلال، 2007، ص ص106:97).
وتعتبر المدرسة من أهم المؤسسات التربوية في المجتمع، حيث تؤثر في مفاهيم الفرد المتعلم وفي تكوين معتقداته و سلوكه، كما أنها تعمل على تزويد الفرد المتعلم مجموعة من المهارات وأساليب التفكير والقيم لكي يستطيع أن يتكيف مع نفسه ومع الآخرين، فالمدرسة تلعب دورًا لا يمكن إغفاله في ترسيخ القيم الأخلاقية حيث تستخدم طرقًا مباشرة ومقصودة، وذلك بتناول هذه القيم والتأكيد على ضرورة التمسك بها ( إيمان شرف، 2008، ص  69).
والاهتمام بتعليم القيم البيئية وتعلمها له مردود تربوي متعدد الجوانب، حيث:
1.       تساعد في تشكيل شخصية الفرد وغاياته وأهدافه ووسائل تحقيقها.
2.       تعد عاملاً مؤثرًا في سلوك الفرد ومقدرته على التكيف مع البيئة.
3.       تساعد الفرد على تحمل المسئولية تجاه حياته وتجاه الآخرين.
4.       تمثل إطاراً مرجعيًا يحكم تصرفات الإنسان في حياته وضبط سلوكه، ويعتمد عليها في تقييم سلوكه وسلوك الآخرين .
رابعًا: خصائص القيم البيئية:
حتى يتم التوصل إلى نموذج تدريس مقترح لتعلم وتعليم القيم البيئية الأساسية، يجب تحديد خصائص تلك القيم، وقد تناول العديد من الباحثين:( ممدوح الجعفري، 2002، ص ص90:89)،    ( عبد المنعم المرزوقي، 2006، ص 34)، ( الفت شقير وزينب حسن، 2006، ص527) ،   (سعيد السعيد، 2006، ص ص89: 90)، (عصام الدين هلال، 2007، ص ص218:215)،  (إيمان شرف، 2008، ص ص45:47), تلك الخصائص بالدراسة، وتم التوصل إلى مجموعة من الخصائص الأساسية للقيم لعل من أهمها:
1.       لها أبعاد اجتماعية لأنها لا تصدر إلا في سياق اجتماعي.
2.       متعلمة سواء كان تعلمها بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة.
3.       علاجية وقائية للتغلب على المشكلات البيئية وطريقة علاجها.
4.       مكتسبة تتكون نتيجة احتكاك الفرد بالمواقف المختلفة.
5.       نسبية تختلف من مكان إلى آخر حسب ظروف البيئة والمشكلات البيئية التي يعاني منها، وتختلف من شخص إلى آخر.
6.      ذاتية أي يؤمن بها الفرد وتؤمن بها المؤسسات بالمجتمع وهيئاته.
7.       لها ما يسمى بالموقف القيمي، بمعنى أن هناك دوافع كامنة وراء أحكام الأفراد بشأن القضايا البيئية.
8.       مرتبة فيما بينها ترتيبًا هرميًا وترتفع بعض القيم وتنخفض الأخرى وذلك تبعًا للظروف البيئية ورغبات واهتمامات الأفراد.
9.       لكل منها مصطلح يدل عليها.
10.       تتميز بالثبات النسبي إلا أنها قابلة للتغير نتيجة التفاعل المستمر بين الفرد والبيئة، ونتيجة لمرور الفرد بمواقف الفشل والإحباط والضغوط الشديدة.  
11.          موجهات للسلوك الإنساني تجاه البيئة وتقوم بتوجيه سلوك الفرد وتعمل على اتزانه.
12.       أعم وأشمل وأعمق من الاتجاهات البيئية، فكل قيمة تتكون لدى الفرد هي محصلة لمجموعة من الاتجاهات التي تتماسك وتتكامل في نسق قيمي معين.
خامسًا: مستويات القيم البيئية: 
ويصنف البعض القيم البيئية إلى ثلاث مستويات ( سعيد السعيد، 2006، ص 96) كما يلي:
o       مستوى التقبل: وهو تقبل انفعالي لقضية ما أو مبدأ ما أو موضوع ما على أساس يعتبره الفرد ضمنيًا أساسًا ملائمًا.
o       مستوى التفضيل: مستوى يقع بين مستوى التقبل ومستوى الالتزام ويتمثل في اندماج الفرد في موضوع القيمة.
o       مستوى الالتزام: وهو التقبل الكامل لموضوع القيمة على أسس انفعالية معينة.
سادسًا: تصنيف القيم البيئية:
تصنف القيم البيئية حسب رأي مجموعة من الباحثين إلى عدة عناصر تبعاً لنوعية الدراسة وهدفها والفئة المستهدفة، نورد منها ما يلي:( عصام الدين هلال، 2007، ص ص215:213)
§        صنف البعض القيم البيئية إلى : قيم المحافظة على البيئة وقيم الاستغلال الرشيد للموارد، وقيم الإيمان والاعتقاد بأهمية البيئة.
§     وتصنف إلى : قيم حماية البيئة من التلوث، وقيم المحافظة على الموارد من الاستنزاف، وقيم المحافظة على جمال الطبيعة، وقيم المسؤولية الاجتماعية نحو البيئة، والقيم العلمية، وقيم المشاركة الايجابية في البيئة، وقيم الانتماء للبيئة.
§     وتصنف إلى : قيمة تذوق جمال البيئة، وقيمة المحافظة على الموارد البيئية، وقيمة تقدير القيمة الاقتصادية للآثار التاريخية، وقيمة الاستغلال الأمثل لموارد البيئة، وقيمة المشاركة الايجابية في تحسين البيئة.
§     وتصنف كما يلي: قيم الاستفادة من الموارد ، وقيم تدعيم الحياة، والقيم الترويحية، والقيم العلمية الطبيعية، والقيم الجمالية، وقيم الحياة، وقيم الوحدة والتنويع وقيم العفوية والاستقرار والقيم الجدلية والقيم المقدسة.
§        كما تصنف إلى سبعة أقسام رئيسة هي:
o     قيم المحافظة على الموارد الطبيعية الدائمة: مثل المحافظة على الموارد المائية وتنميتها، والمحافظة على الهواء، والمحافظة على الشواطئ والبحار من التلوث.
o     قيم المحافظة على الموارد الطبيعية المتجددة: مثل المحافظة على الثروة النباتية، والمحافظة على الثروة الحيوانية، والمحافظة على التربة والمساحات الخضراء.
o       قيم المحافظة على الموارد الطبيعية غير المتجددة: مثل المحافظة على الثروة المعدنية، والمحافظة على المحميات الطبيعية.
o     قيم المحافظة على صحة البيئة: مثل النظافة والرعاية الصحية، والمحافظة على الغذاء من التلوث، والمحافظة على البيئة من التلوث الضوضائي، والتوافق البيئي .
o       قيم بيئية تخطيطية و تشريعية: مثل التخطيط، واحترام القوانين، والإدارة البيئية.
o     قيم بيئية حضارية: مثل نبذ المعتقدات الخرافية، والتوازن الخدمي بين الريف والحضر، وحماية التراث الحضري، والمشاركة في تحسين البيئة.
o       قيم بيئية سياسية و اقتصادية: مثل ترشيد استخدام الموارد، والسلام، وقيمة الأمن.
o       قيم بيئية تعليمية: مثل التثقيف البيئي، و إدراك بعد الزمن، والمحافظة على البيئة من التلوث الثقافي، القيم الجمالية
سابعًا: استراتيجيات تكوين القيم البيئية وتنميتها:
يمكن تكوين القيم البيئية وتنميتها بمجموعة من الاستراتيجيات كما تناولها بعض الباحثين:        ( محمد الحيلة، 2002، ص ص 383:378)، ( سعيد السعيد، 2006، ص ص92: 95).
وتم التوصل إلى مجموعة من الطرق لعل من أهمها:
1.     طريقة التشرب: وتقوم على التثقيف البيئي على أساس أن المعارف البيئية التي يتعلمها الفرد ويعرفها سوف تؤدي إلى تعلم القيم البيئية دون تدخل.
2. طريقة النمو الخلقي: باستخدام الموقف المشكلة التي تتضمن صراعات التوقعات والأدوار حول القيم وأن تتيح للمتعلم الفرصة لاختبارات كثيرة للسلوك.
3. طريقة التلقين: تقوم على أساس وضع الفرد المتعلم على اختيار قيم محددة، وتتبع عدة طرق منها التعزيز ولعب الأدوار.
4. طريقة تحليل القيم من خلال تحليل القضايا المجتمعية وفحص القيم المرتبطة بها، عن طريق عرض الأحداث الجارية أو تدريبات لعب الأدوار.
5. طريقة العمل: وتعتمد على التعلم خارج حجرة الدراسة وعلى التعلم المبني على الخبرة والمجتمع المحلى.
6. طريقة توضيح القيم: حيث تقدم المشكلة القيمية، و يناقش المتعلم بشأن موقفه منها.
7. طريقة التعليم الاندماجي: من خلال التأكيد على الربط بين الجانب المعرفي والانفعالي، في تعليم القيم على أساس تكاملي.
8. طريقة تعديل السلوك: حيث يتم فيها تعديل السلوك وتشكيله على أساس استخدام أنماط التعزيز الخارجية.
ويمكن أن يتم تعلم القيم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وعندما يشرع الفرد في تكوين قيمة من مجموعة من المعلومات تشكل ما لديه من معتقدات وتتجمع المعتقدات في صورة اتجاهات تتجمع بدورها، وتتوحد مكونة نظامًا من القيم يقود سلوك الفرد ويوجهه، ويبدأ الفرد في تنمية قيمه الخاصة عندما يبدأ بدراسة البدائل ويتعرف على الآثار والنتائج المترتبة على كل بديل إزاء كل منها قبل أن يبدأ في العمل، ويوجد عدة طرق لتكوين القيم البيئية من أهمها:
1.     يتعلم التلاميذ القيم عن طريق تقليدهم الكبار بطريقة واعية أو غير واعية باعتبار أن سلوك الكبار هو السلوك المثالي، وهذا غير كاف لتكوين قيم تستمر وتبقى.
2.       بيئة الفرد: حيث يتشرب الأفراد كثيرًا من القيم من الثقافة السائدة في المجتمع.
3.       الإقناع: وذلك بعرض الحجج والأسانيد مما لا يستطيع المستمع لها إلا أن يتقبلها راضيَا ومقتنعًا بها، علمًا  بأن مجرد الإقناع لا يكفي.
4.     الخضوع لقوانين تحتم على الفرد سلوكًا معينًا، وبصورة مستمرة، حتى يتصرف الفرد تلقائيًا بالصورة المرجوة، لكن ذلك من شأنه أن ينشئ قيمًا غير وطيدة وسرعان ما تهوى.
5.     تعليم القيم من خلال الخبرة:  بالتعرض للخبرات الانفعالية المختلفة فإذا كانت الخبرة الانفعالية الناتجة عن موقف معين كان الاتجاه إزاءها موجبًا أو العكس.
 ( عصام الدين هلال، 2007، ص ص 229:228)
ويرى بعض الباحثين: (أحمد اللقاني وفارعة حسن، 2003، ص ص 307:281)، (إيمان شرف، 2008، ص ص45:44), أن اكتساب القيم يمر بخمسة مراحل:
1.     جذب انتباه المتعلم نحو القيمة: وهي مرحلة وعي المتعلم وحساسيته للمثيرات المحيطة به ورغبته في استقبالها وضبط انتباهه وتوجيهه نحو مثيرات معينة.
2.       تقبل القيمة: ويعني الاندماج في الموضوع أو الظاهرة مع الشعور بالارتياح لذلك.
3.       تفضيل القيمة: عندما يعطي المتعلم قيمة أو تقدير للأشياء أو الظواهر أو الأفكار، ويسلك سلوكًا ثابتًا إزاء بعض الموضوعات.
4.     التنظيم: ويقف فيه المتعلم على العلاقات المتبادلة بين مختلف القيم ويعيد تنظيمها في منظومة قيمية مبينًا ترتيب هذه القيم ومدى سيادة كل منها على القيم الأخرى.
5.     التمييز: حيث يستجيب فيه المتعلم استجابة متسقة للمواقف المشحونة بالقيم، وفقًا للقيم التي يتبناها و يعتقدها، وفي هذا المستوى يتم إصدار السلوك دون استثارة للانفعالات .
ثامنًا: طرق قياس القيم البيئية:
يقتضى تعليم وتعلم القيم قياس هذه القيم لدى التلاميذ، وأهم الطرق التي يمكن استخدامها في قياس القيم البيئية ما يلي: ( سعيد السعيد، 2006، ص ص 96:95)
o  الملاحظة: حيث يتم من خلالها تعرف السلوك الفعلي للفرد، والذي تحركه مجموعة من القيم والاتجاهات، التي تتماسك وتتكامل في نسق قيمي معين.
o  المقابلة الشخصية: وتأخذ صورًا عديدة مثل القصص ذات النهايات المفتوحة، والصور ذات المشكلات البيئية أو الاجتماعية، والأسئلة المباشرة وغيرها.
o  المقاييس: وهي مجموعة من المثيرات التي تقيس بطريقة كمية أو كيفية، العمليات العقلية أو النفسية، وقد تكون في صورة أسئلة شفهية أو تحريرية أو مواقف أو عبارات أو رسومًا أو صورًا، والمقياس يعطي نوعًا من الدرجات، أو يقدم تصنيفًا وصفيًا أو كليهما معًا.
تاسعًا: الدراسات التي اهتمت بتنمية وقياس القيم البيئية خلال المناهج الدراسية:
§  دراسة سلوى عبد الحليم (2002): التي استهدفت إعداد برنامج لتنمية القيم البيئية لدى تلاميذ التعليم الأساسي من خلال مناهج العلوم، والتأكد من فعاليته، للإجابة على أسئلة الدراسة استخدمت الباحثة قائمة بالقيم البيئية، و برنامجًا لتنمية بعض القيم البيئية، وتوصلت إلى أن الفروق بين متوسطي عدد المفردات لكل تلميذ على مقياس القيم البيئية بين التطبيق البعدي والتطبيق التتبعي للمجموعة التجريبية عند مستوى الالتزام بالقيمة لصالح التطبيق البعدي، وعند مستوى التقبل للقيمة البيئية دالة إحصائيًا لصالح التطبيق التتبعي.
§  دراسة آمنة المالكي وآخرون (2004 ): التي استهدفت تعرف واقع القيم البيئية لدى الطالبات، وحصر القيم البيئية المتضمنة في المناهج الدراسية، وتقديم تصور لتضمين القيم البيئية في مناهج المرحلة الثانوية، وقد توصلت إلي افتقار المحتوى إلى بعض القيم البيئية وبعض القضايا والمشكلات المهمة، و عدم وضوح مفهوم القيم البيئية لدى عينة البحث.


§  دراسة مجدي رجب (2004 ): التي استهدفت تعرف فعالية وحدة مقترحة لتنمية بعض القيم البيئية والأخلاقية والعلمية لتلاميذ الصف السادس الابتدائي، لتحقيق ذلك استخدم الباحث اختبارًا تحصيليًا و مقياس القيم البيئية والأخلاقية والعلمية، وتوصلت إلى أن تدريس الوحدة كان له أثر في زيادة نسبة تمثل القيم على مقياس القيم لصالح التطبيق البعدي، وأوصت بتضمين بعض القيم البيئية والأخلاقية والعلمية في مناهج العلوم بجميع المراحل.
§  دراسة عبد الواسع ناجي (2005 ): التي استهدفت تقويم منهج اللغة العربية في الصفوف الثلاثة الأخيرة من التعليم الأساسي في ضوء الاعتبارات البيئية اللازم تنميتها لدى التلاميذ، و لتحقيق ذلك قام الباحث بإعداد قائمة بالقيم البيئية اللازم تنميتها لدى تلاميذ التعليم الأساسي في اليمن، وتحليل أهداف ومحتوى وأنشطة منهج اللغة العربية في الصفوف الثلاثة الأخيرة من التعليم الأساسي في ضوء القائمة، وإعداد مقياس للقيم البيئية المتوفرة لدي التلاميذ، وقد توصلت إلي أن القيم البيئية المتوفرة في أهداف منهج اللغة العربية في الصفوف الثلاثة الأخيرة من التعليم الأساسي تراوحت بين 38‚1% و 38‚4% من إجمالي الأهداف، وفي منهج اللغة العربية لتلك الصفوف تراوحت بين 4% و11% من إجمالي الموضوعات، وتقديم تصور مقترح لمنهج اللغة العربية الذي يمكن أن ينمي القيم البيئية لدى التلاميذ.
§  دراسة يسري مصطفي (2005 ): التي استهدفت تعرف واقع تناول محتوى مناهج العلوم لمجموعة من المشكلات البيئية، وتقود نتائج تحليل المحتوى إلى أن محتوى مناهج العلوم الحالية لا يساهم بالقدر المطلوب في كسب المتعلمين للسلوكيات والقيم والاتجاهات البيئية الإيجابية، الأمر الذي يجعل إعادة النظر في طريقة عرض المادة البيئية في كتب العلوم، وأساليب تدريسها .
§  دراسة عبد المنعم المرزوقي (2006 ): التي استهدفت تعرف مدى فاعلية برنامج أنشطة صفية ولا صفية في تنمية المفاهيم والقيم البيئية لتلاميذ الصف التاسع بالحلقة الثانية من التعليم الأساسي بدولة الإمارات، و لتحقيق ذلك صمم الباحث واستخدم قائمة بالمفاهيم والقضايا البيئية المطلوبة للصف التاسع، و مقياسًا للقيم البيئية، أظهرت النتائج وجود فروق دالة إحصائيًا على مقياس المهارات والقيم البيئية للمجموعة التجريبية قبل وبعد تطبيق البرنامج لصالح التطبيق البعدي، وتؤكد على أهمية الأنشطة الصفية واللاصفية في غرس القيم البيئية واكتساب المهارات، وأوصت بإدماج الأنشطة الصفية واللاصفية بصورة غير تقليدية ضمن المناهج الدراسية وزيادة الاهتمام بها، وربط المفاهيم البيئية بالمواقف السلوكية في الكتب المدرسية.
§  دراسة يحي محمد (2006 ): التي استهدفت تعرف القيم البيئية التي يلزم تضمينها في مناهج العلوم، والكشف عن مستوى توافر القيم البيئية في محتوياتها، والاستدلال على مستوى التتابع والتكامل بين القيم البيئية المتضمنة في محتويات مناهج العلوم بفلسطين، وتم إتباع المنهج الوصفي بأسلوب تحليل المحتوى، وتم اختيار ستة من كتب العلوم وهي المقررة على تلاميذ الصفوف: السابع والثامن والتاسع خلال العام الدراسي 2005/2006، وتوصلت إلى وضع قائمة بأربع وعشرين قيمة بيئية يمكن تضمينها في محتويات مناهج العلوم هي: قيم المحافظة على التوازن البيئي، والاستخدام الراشد لموارد البيئة، وحماية البيئة من التلوث، وتوزعت القيم البيئية في محتويات العلوم على المستويات الثلاث: القبول، والتفضيل، والالتزام، بالإضافة إلى انخفاض مستوى تتابع القيم البيئية في محتويات مناهج العلوم، ووجود تكامل في بعض القيم البيئية المتضمنة في محتويات مناهج العلوم.
§  دراسة أماني عبد الوهاب وعواطف عيسى (2008 ): التي استهدفت تطبيق برنامج لإكساب الأطفال بعض القيم وتنميتها، وتعرف ترتيب القيم المتمثلة في (التعاون والمشاركة، الاحترام، الصدق، مساعدة الآخرين، الصداقة، تحمل المسئولية)، وتم إتباع المنهج التجريبي، وتكونت العينة في صورتها النهائية من (100) طفل وطفلة من بين تلاميذ الصف الخامس الابتدائي، أظهرت النتائج وجود فروق دالة إحصائيًا بين المجموعتين التجريبية والضابطة على مقياس القيم وعلى مقياس المهارات البيئية لصالح المجموعة التجريبية.
§  دراسة  كوتر وآمي ( ( Cutter, Amy, 2002: التي استهدفت تعرف رؤية معلمي المدارس الأساسية في استراليا نحو الأساليب التي يمكن إتباعها لإكساب التلاميذ القيم والأخلاقيات البيئية، وأشارت النتائج إلى أن من شملتهم الدراسة لديهم معرفة محدودة بالمعارف البيئية، كالمفاهيم، والنظريات، وطرق تدريس التربية البيئية، وأن هؤلاء المعلمين يَمِيلونَ إلى استخدام المواقفِ السلوكية في التعليم البيئي ، لضمان إكساب التلاميذ القيم والمهارات البيئية.
§  دراسة جانا رنهولد (Jana L.Reinhold, 2005)  : التي استهدفت تعرف علاقة المعارف والاتجاهات والسلوك البيئي للمراهقين ولتحقيق ذلك اختار الباحث عينة من طلبة المدارس الثانوية بلغ تعدادهم (848) طالباً وطالبة، وتوصلت إلي وجود علاقة دالة إحصائيًا بين مستوى المعارف البيئية للمراهقين من جهة، وسلوكهم البيئي من جهة أخرى، ووجود علاقة دالة إحصائيًا بين قيم المراهقين البيئية من جهة، وسلوكهم البيئي من جهة أخرى، ووجود علاقة دالة إحصائيًا بين قيم المراهقين، ومواقفهم، وسلوكهم البيئي من جهة، والشعور المرتفع بتقدير الذات من جهة أخرى.
وبعد الانتهاء من عرض بعض الدراسات والبحوث التي اهتمت بتنمية القيم البيئية خلال المناهج الدراسية، يمكننا استخلاص بعض النتائج من أهمها:
§  اهتمت بعض الدراسات بتعرف القيم البيئية التي يلزم تضمينها في بعض المناهج الدراسية والكشف عن مدى توافر القيم البيئية في مناهج العلوم ومواد دراسية أخرى، كما في دراسة آمنة المالكي وآخرون (2004 ) ، ودراسة عبد الواسع علي ناجي (2005)، ودراسة يحي محمد (2006) ، وتتفق الدراسة الحالية مع هذه الدراسات في أنها استخدمت أدوات مماثلة, مثل قائمة القيم البيئية، ومقاييس القيم البيئية، و نفس أساليب التحليل الإحصائي.
§  اهتمت بعض الدراسات بوضع تصور مقترح لتضمين بعض القيم البيئية في المناهج الدراسية، كما في دراسة آمنة المالكي وآخرون (2004 ) ، ودراسة عبد الواسع علي ناجي (2005 ) ، ودراسة سلوى عبد الحليم (2002)، وتتفق الدراسة الحالية مع هذه الدراسـات في أنها قامت بوضع تصور مقترح لتضمين بعض القيم البيئية في منهج العلوم للصف الأول من المرحلة الإعدادية.
§   اختلفت الدراسة الحالية عن هذه الدراسات في أنها استهدفت:
o       إعداد قائمة بالقيم البيئية التي يلزم تضمينها خلال منهج العلوم بالمرحلة الإعدادية.
o       تنمية بعض القيم البيئية لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية من خلال منهج العلوم.
§   وقد استفاد الباحث من هذه الدراسات في أنها:
o       أوضحت له ضرورة تضمين القيم البيئية في المناهج الدراسية.
o     ساعدته في صياغة وتصميم المواد والأدوات البحثية للدراسة ومنها: قائمة القيم البيئية التي يلزم تضمينها في مناهج العلوم بالمرحلة الإعدادية، مقياس القيم البيئية، ووثيقة منهج العلوم المطور المتضمن للقيم البيئية
§   وقد استفاد البحث الحالي من هذا المحور في التأكيد علي ما يلي:
1.       اختلال القيم هو لب المشكلات البيئية.
2.      القيم البيئية تهيئ الفرد ليسلك سلوكاً رشيداً نحو البيئة.
3.       المناهج الدراسية معنية بتنمية القيم البيئية بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
4.       مناهج العلوم يمكنها المساعدة في تنمية القيم البيئية لدى التلاميذ.
5.       ضرورة تطوير مناهج العلوم لتساهم في تنمية القيم البيئية لدى تلاميذ تلك المرحلة.

6.       كما ساعدته في إعداد قائمة القيم البيئية التي يلزم تضمينها بمناهج العلوم بالمرحلة الإعدادية.

ليست هناك تعليقات: