ترى كوثر حسين كوجك أن المتتبع للاتجاهات الحديثة في تطوير المناهج
يلحظ أنها قد تحولت من التركيز على الإجابة عن سؤال: ماذا نعلم تلميذ اليوم ؟ إلى
الاهتمام بكيف نعلمه ؟ وكيف نكسبه اتجاهات التفكير العلمي ، واتجاهات التفكير
الابداعي في حل المشكلات ؛ لأن المعلومات تتغير
، فلا جدوى من تخزينها في عقول التلاميذ ، وأن اكتساب التلاميذ لمهارات التفكير
والبحث و الاطلاع وتحديد وحل المشكلات ، يكون
أبقى أثرًا وأكثر رسوخًا ، وقد شجع
ذلك بعض النظم التعليمية إلى استحداث مادة دراسية لتحقيق هذه الأهداف والتركيز على
تنمية القدرات العقلية ، وتنمية التفكير العلمي والإبداعي في حل المشكلات ،
والتعلم الذاتي ، وتنظر هذه المادة إلى المعدات والأجهزة على أنها نتاج لفكر علمي
، استخدم المعلومات التي اكتسبها من مجالات متعددة وطبقتها بإبداع ، لتصميم فكرًا
تكنولوجيا متطورًا ، وتسعى هذه المادة إلى تعليم التلاميذ هذا النوع من التفكير
(كوثر كوجك ، 1997 م، ص107).
سادساً : أسس بناء منهج التكنولوجيا وتنمية
التفكير وأهدافه :أ) فلسفة المجتمع وأيدلوجياته :ب) طبيعة المادة الدراسية وفلسفتها :
ويضيف حسين كامل بهاء الدين أنه إذا كان
العالم يشهد ثورة تكنولوجية هائلة ، يطلق عليها " الموجة الثالثة " ، ثورة
علمية تكنولوجية معلوماتية ، أصبح فيها من يملك العلم والتكنولوجيا والمعلومات له
حق البقاء ، مما يتطلب توجيه أهداف التعليم إلى قدرات التعامل مع بنى البشر
والموارد والأنظمة والتكنولوجيا والمعلومات، بهدف إعداد جيل يستطيع التعامل مع لغة
العصر ، جيل يستطيع التآلف مع التكنولوجيا ويطوعها ،لأن قوة التكنولوجيا في
إدارتها وتوظيفها وليس في امتلاكها (حسين كامل بهاء الدين ، 1997م ، ص ص 12 : 119
) .
ويحذر
جوستافو من أن مجتمعاتنا ومؤسساتنا تواجه الكثير من المشكلات المعقدة المرتبطة
بالعولمة والتقدم التكنولوجي إلى جانب التغيرات السريعة والتي لا يمكن التنبؤ بها
في جميع مجالات الحياة (جوستافو ، 2000م ، ص 35 ).
كما
أن كوثر كوجك تؤكد على أن النظرة إلى التربية ، أصبحت تهدف إلى التعلم مدى الحياة
، والتعلم من أجل صنع القرار، والتعلم من أجل الحياة في مجتمع متغير (كوثر حسين
كوجك وآخرون ، 2004م ، ص4 ) .
وهذا
يتطلب برأي بعض أساتذة التربية ضرورة
تربية الأفراد وتنمية قدراتهم على المرونة ، وسرعة التكيف والتأقلم مع التحولات
المتسارعة ، وتقبل التجديدات والمستحدثات بعقل متفتح واعٍ ، ناقد ، يحسن الاختيار
، يجيد اتخاذ القرار ، ولا يتأتى ذلك إلا إذا عملت المناهج على تسليح الأفراد بنوع
من التفكير والمعرفة ، لذا فالتحدي أمام المناهج الدراسية اليوم هو إيجاد طرق ،
وخطط ، وبرامج تعليمية ، تستطيع أن تحول المعلومات المدرسية إلى كفاءات ، ومهارات
عملية ، وتنمية قيمة العمل واحترامه ، واكتساب الاستعداد للعمل ، وامتلاك
المعلومات والمهارات والاتجاهات اللازمة للتقدم في سوق العمل ، والقدرة على حل
المشكلات ، وتنمية التفكير الابداعي
الخلاق ( كوثر حسين كوجك ، 1997م ،ص ص74
، 76 ) .
هذا
في الوقت الذي يرى فيه مجدي عزيز أننا ما دمنا نعترف أننا نعيش عصر التكنولوجيا ،
فعلينا أن نعترف بأن مناهجنا ما لم تصطبغ بالتكنولوجيا لن تصبح مسايرة للعصر ، ولن يكون للإبداع والابتكار والتفكير مكان
فيها ( مجدي عزيز ، 1994م ، ص ص 81 ، 104
) .
وقد اقترح ايجكوف ثلاث طرق لإدخال
التكنولوجيا في المناهج الدراسية وهي:
·
إدخال مادة " التكنولوجيا
" في المناهج الدراسية .
·
إضافة موضوعات
تكنولوجية في مناهج المواد الدراسية المختلفة .
·
تطوير المناهج
الدراسية بتكامل العلم والتكنولوجيا والمجتمع لتحل محل المناهج الحالية (Eijkeihof,1998).
لذلك طالب الخبراء
المشاركون في المؤتمر القومي لتطوير التعليم الإعدادي بإضافة مادة " التكنولوجيا
وتنمية التفكير" إلى مناهج التعليم الإعدادي (وزارة التربية والتعليم ، 1994م) .
كذلك
فإن مشروع المعايير القومية للتعليم في مصر حدد محاور الرؤية المستقبلية للتعليم
والتي من أهمها تعزيز قدرة المجتمع على تنمية أجيال مستقبلية قادرة على التعامل مع
النظم المعقدة والتكنولوجيا المتقدمة والمنافسة في عالم متغير ، ومواكبة التطورات
الحديثة في عالم يعمل على صنع المعرفة
والتكنولوجيا وعلى تعدد مصادر التعلم وتنمية المهارات اللازمة للتعامل مع مجتمع
المعرفة ( وزارة التربية والتعليم ، 2003م ، ص 10 ).
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة دعوات كثيرة
من علماء التربية تؤكد على ضرورة الاهتمام بالتفاعل بين " العلم والتكنولوجيا
والمجتمع " Science , Technology , and Society (S.T.S) وهذا التوجه في الدمج بين العلم
والتكنولوجيا والمجتمع يفرض على القائمين على التعليم تدريس المهارات العملية ذات
المعنى و على تدريس التطبيقات العملية والتكنولوجية بالإضافة إلى المعارف
والعمليات العلمية (أحمد النجدي ، 1999م ، ص ص 129 : 130).
ويعتمد مدخل
العلم والتكنولوجيا علي عرض القضايا الاجتماعية الناتجة عن تفاعل العلم والتكنولوجيا
والمجتمع ومناقشتها ، بهدف تنمية وعي المتعلم بأسباب ونتائج أبعاد تلك القضايا ،
وكذلك تعرف دور العلم والتكنولوجيا في إحداثها ، وفي حلها أيضًا ، وتنمية إحساس
ذلك المتعلم بالمسئولية والقدرة على اتخاذ قرارات مناسبة حيال تلك القضايا ، وتعرف
الطبيعة الاجتماعية للعلم والتكنولوجيا (ماهر صبري و صلاح الدين توفيق ، 2004 ، ص
106).
وقد أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو ) مشروع 2000+))
الذي يركز على التدريس المتكامل للعلوم والتكنولوجيا في ضوء المشكلات البيئية
الناتجة عن الثورة الصناعية الكبرى ، وعلى أهمية تضمين مناهج العلوم بعدد من
المشكلات البيئية الراهنة (UNESCO ,1993) .
ولأن العالم أصبح معتمدًا اعتمادًا
تامًا على التكنولوجيا من نواح عديدة رغم
أن هذه التكنولوجيا في الوقت ذاته تحمل خطر تدمير المجتمع ، والمعضلة هي كيفية تجنب تدمير المجتمع
مع الحفاظ على منافع الاعتماد على التكنولوجيا ، أضف إلى ذلك أن التطور السريع في
تكنولوجيا المعلومات والاتصال وتطبيقاتها يقدم للعالم تحديات جديدة ، والاتجاه نحو
ما يسمى " الطريق السريع للمعلومات " والآثار الاقتصادية والاجتماعية
والتربوية المرتبطة به ( آر . إيه . بوكانان ، 2000م ، ص ص 254 : 266 ) .
هذا
ما دعي مؤتمر السياسات والتكنولوجيات الجديدة إلى متابعة الأهداف التالية :
§
تحليل الاتجاهات
والخبرات الوطنية والإقليمية والدولية في مجال إدخال واستخدام المعلومات الجديدة
وتكنولوجيات الاتصال في النظم التعليمية .
§ مناقشة السياسات
الوطنية والإقليمية والدولية من أجل استخدام التكنولوجيات في التعليم.
§
مراجعة آخر التطورات
في مجال المعلومات وتكنولوجيا الاتصال وفحص تطبيقاتها في التعليم (فجينى خفلون ،
1997م ، ص ص 409 : 412).
من هنا يظهر جليا اهتمام وزارة التربية
والتعليم بإدخال تعليم التكنولوجيا بهدف تطوير المناهج التعليمية لمواجهة كافة
تحديات العصر ، وتحديثها باستمرار لتلائم التغيرات الحادثة في العالم ويتضح هذا
الاهتمام بالمشاركة في الحلقات الدراسية والندوات الإقليمية والمؤتمرات ، و ما أوصى به المؤتمر القومي لتطوير
التعليم الإعدادي باستحداث مادة جديدة في خطة الدراسة للمرحلة الإعدادية للعام
1999- 2000 م وهي مادة " التكنولوجيا وتنمية التفكير " ( عيد أبو المعا
طي و يسري دنيور ، 2001م ، ص ص 3:2) .
وقد
جاء ذلك تنفيذًا للقرار الوزاري رقم 216 لسنة 2000 م بشأن تدريس مادة " التكنولوجيا وتنمية التفكير
" بالمرحلة الإعدادية بواقع حصتين أسبوعيًا
لكل صف دراسي من صفوف المرحلة الإعدادية ويقوم بتدريس هذه المادة معلم العلوم على
اعتبار أن مادة العلوم هي أكثر المواد الدراسية ارتباطًا بالتطبيقات التكنولوجية
وأنها تعالج الأسس العلمية التي تستند إليها هذه التطبيقات التكنولوجية ( أماني
الموجي ، 2003 م ، ص142 ).
جدير بالذكر أن مادة التكنولوجيا تختلف عن
المواد الدراسية الأخرى من حيث أهدافها وطرق تدريسها ، فمحتوى مادة التكنولوجيا هو
مجموعة متكاملة ومتداخلة من الموضوعات
التي تنتمي لمواد دراسية متعددة ، كما يختلف دور معلم مادة التكنولوجيا من حيث إنه
يقوم بدور ميسر لعملية التعلم ، فهو يوجه ويرشد ويقترح ولكنه لا يلقن ولا يحاضر ،
ولا يهيمن على الموقف التعليمي التعلمي ، حيث يقود التلاميذ إلى البحث والاستقصاء
والاعتماد على النفس ، والتوصل إلى الحلول بأنفسهم ، فالتكنولوجيا تعلم التلاميذ
كيف يفكرون ولا تحدد لهم في ماذا يفكرون ،
فمادة التكنولوجيا مادة تستخدم استراتيجيات جديدة ، تعطى للفرد فرصة البحث عن
المواد المتاحة وعن كيفية تجميعها ، وما يمكن توقعه من تجميع هذه الموارد ،
واقتراح تصميم حلول مختلفة تهدف إلى حل المشكلات التي تواجه الإنسان في مواقف
معينة فيما يعرف بأسلوب حل المشكلات : إن تعلم هذه المادة يهدف إلى تنمية التفكير
الابتكاري وإضفاء البهجة والمتعة على العملية التعليمية ( مركز تطوير المناهج ،
2004م ،ص27 ).
الأسس التي بنى عليها
منهج التكنولوجيا وتنمية التفكير هي بمثابة المدخلات التي تؤثر على المنهج وتحدد
أبعاده ومكوناته (مركز تطوير المناهج ،2004 م ، ص28 ) وهي :
يرتبط منهج التكنولوجيا وتنمية التفكير
بالحياة المصرية والمجتمع المصري ومشكلاته، فهو يعالج مشكلات زيادة السكان والآثار
والمترتبة عليها، ومشكلة التلوث، وقلة الموارد، كما يركز على العلاقات الاجتماعية
واحترام رأي الجماعة، كما يعمل على ربط التلميذ بالثقافة المصرية.
منهج التكنولوجيا
وتنمية التفكير لا يهتم بالمعلومات التي يجب أن يعرفها التلميذ بقدر اهتمامه
بكيفية تطبيقها والاستعانة بهذه التطبيقات في حل المشكلات التي تواجه المجتمع
المصري ، لذا فإن محتوى المنهج ليس به أي معلومات إضافية يجب أن يكتسبها التلميذ ، وإنما يحتوى على أساليب التفكير
العلمي مثل نموذج حل المشكلات ، والتفكير بأسلوب النظم وخطوات وكيفية عمل التصميم
وقواعد العمل التعاوني .
وقد حددت كوثر حسين كوجك أهداف "
التكنولوجيا وتنمية التفكير " كمادة
دراسية في الأهداف التالية : ( كوثر حسين كوجك ، 1997م ، ص 108 ، 109 )
1. تنمية
التفكير الابتكاري في دراسة وتحليل المشكلات .
2. إضفاء
البهجة والمتعة على العملية التعليمية التعلمية لكل من التلميذ والمعلم ، حيث يتم
العمل في مجموعات عمل صغيرة .
3. ملاحقة
ومتابعة التغيرات التكنولوجية المتلاحقة ، وأثرها على المجتمع سلبًا وإيجابًا ،
والجهود التي تبذل للتحكم فيها .
4. التعامل
مع الأجهزة والمعدات التكنولوجية، لتنظيم أدائها مع صيانتها وتطويرها.
5. اكتساب
بعض المهارات الأساسية في استخدام العدد والأدوات البسيطة ، مع تطبيق قواعد الأمن
والسلامة في استخدامها .
6. زيادة
الثقة بالنفس والقدرة عل المشاركة في الإنتاج .
7. ترشيد
استخدام الموارد المتاحة ( بشرية ومادية ) لحل المشكلات البيئية .
8. تطبيق
حل المشكلات للوقاية من الأخطار الطارئة ، وتجنب آثارها السلبية .
9. تنمية
الوعي باستشعار المشكلات قبل ظهورها ، واتخاذ الاحتياطات الواقية .
10.تعرف
مصادر التعلم والمعلومات المختلفة .
11.زيادة
المشاركة الإيجابية والعمل التعاوني في فريق ، والتدريب على أسلوب طرح الآراء ،
ومناقشة الآخرين واحترام الرأي الآخر ، وغرس مبادئ الديمقراطية وممارستها .
12.تقدير
قيمة العمل اليدوي واحترام العاملين به .
13.مسايرة
نمو مفهوم محو الأمية من مجرد الإلمام بالقراءة والكتابة، إلى عدم القدرة على
التعامل مع الوسائل العلمية الحديثة، إلى حل المشكلات
التطبيقية الأخرى.
14.تعرف
خصائص النظام ( مدخلاتها وتشغيلها ومخرجاتها ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق