الاثنين، 17 نوفمبر 2014

(31) القيمة التربوية لنظرية الذكاءات المتعددة MI))


تمثل نظرية الذكاءات المتعددة الإطار النظري والبناء الفلسفي للتربية الحديثة، فقد أحدثت ومنذ ظهورها ثورة في المجال التربوي، حيث غيرت نظرة المعلمين عن تلاميذهم، كما شكلت تحديًا واضحًا للمفهوم التقليدي للذكاء، ذلك المفهوم الذي لم يعترف سوى بشكل واحد من أشكال الذكاء الذي يظل ثابتًا لدى الفرد في مختلف مراحل حياته، كما رحبت هذه النظرية بالاختلاف بين الأفراد في أنواع الذكاء التي لديهم وفي أسلوب استخدامها مما من شأنه إثراء المجتمع و تنويع ثقافته وحضارته عن طريق إفساح المجال لكل نوع منها بالظهور والتبلور في إنتاج يفيد تطور المجتمع وتقدمه (سليمان عبد الواحد،2010، ص ص 70:62).
وتعتبر نظرية الذكاءات المتعددة " نموذجًا معرفيًا " يوضح كيف استخدم الأفراد ذكاءهم المتعدد لحل مشكلة ما، وتوضح ما يجب أن يقوم به المعلم من حيث تنوع الأهداف والمحتوى والأنشطة والوسائل وطرق التدريس (صلاح الدين عرفه، 2006،ص242). 
كما أن لها دورًا كبيرًا في الجانب التربوي حيث إنها ركزت على أمور مختلفة غفلت عنها النظريات الأخرى، فقد تم إغفال الكثير من المواهب ودفنها بسبب الاعتماد على التقييم الفردي واختبارات الذكاء التقليدية بعكس هذه النظرية التي تساعد على كشف القدرات والفروق الفردية، حيث أكد "جاردنر" على أهمية فهم الذكاء الإنساني باعتباره أنواعًا متعددة ومختلفة وأن تركيبات هذه الأنواع من الذكاء هي التي تجعل البشر مختلفين فيما بينهم، وأن التعامل مع كل أنواع الذكاء المتعدد الذي يمتلكه الفرد هو ما يدفعه نحو التعلم، وأن التنوع في الأنشطة خلال المنهج لها دورها في إظهار جوانب القوة لدى التلاميذ (Mori Sachiho, 2008).
لذا يعتبر علماء التربية أن أفضل مدخل لتطوير المناهج باستخدام نظرية الذكاءات المتعددة، هو التفكير في كيفية ترجمة المادة العلمية ليتم تقديمها بالانتقال من ذكاء إلى آخر، ومن ثم تقديمها بأساليب التدريس التي تتناسب مع أنماط التعلم المختلفة؛ ليتم مخاطبة ذكاء كل طفل من المدخل الذي يناسبه، فنجد الأنشطة الرياضية المنطقية مع القراءة والأنشطة الموسيقية والفنية والحركية، بالإضافة إلى الأعمال التعاونية الاستقلالية كلها تجتمع معًا في موضوع الخبرة في نظرية الذكاءات المتعددة (جابر عبد الحميد، 2003، ص77).
     نظرية الذكاءات المتعددة MI) ) واستراتيجيات التعليم والتعلم:
لاقت نظرية الذكاءات المتعددة إقبالاً متزايدًا من علماء التربية لما لها من انعكاسات واضحة على طرق واستراتيجيات التعليم والتعلم، وقد تنبه العديد من التربويين عالميًا لتطبيق هذه النظرية في مجال المناهج، وقد أوضحت " لندا كامبل- Linda Campll " من خلال تطبيقها لنظرية الذكاءات المتعددة أن هناك نماذج عديدة من الأنشطة التعليمية التي تناسب كل نوع من الذكاءات، وتعتبر أن كل ذكاء يمثل نمطًا للتعلم، وأن لكل نوع من الذكاءات استراتيجيات تعلم مفضلة.
 كما أوضحتها كثير من الكتابات التربوية  منها: (جابر عبد الحميد، 2003، ص ص110:87)،        ( صلاح الدين عرفة، 2006، ص ص254:242 )، (محمد عبد الهادي، 2008ب، ص 157)، (محمد عبد الهادي، 2008ج، ص ص 456:454)، (ليلى الصاعدي، 2008، ص ص: 152:151)، (سليمان عبد الواحد،2010، ص ص 72:71).
على النحو التالي:
§  التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء اللغوي:
 يفضلون المناقشات والعصف الذهني ولعب الأدوار والمحاضرة والألعاب والألغاز والتسجيلات الصوتية والكلمات المتقاطعة ورواية القصص وكتابة السيرة الذاتية والمناظرات وإصدار المجلات والقراءة وكتابة المقالات واليوميات.
§  التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء المنطقي الرياضي:
 يفضلون حل المشكلات والتجارب العملية وعمل الحسابات والتكميمات والتصنيف والوضع في فئات والاكتشاف والتعليم المبرمج والاستقصاء وطرح الأسئلة السقراطية ويحبون العمليات العقلية الحسابية والعمل الجماعي وألعاب المنطق وجمع الأرقام والتفكير العلمي والناقد.
التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء المكاني البصري:
 يفضلون استخدام الوسائل التعليمية من صور ورسوم وخرائط وأشكال بيانية والأنشطة الفنية    ( رسم وتصوير فوتوغرافي) والدراما والقصص وألعاب التخيل والخرائط المعرفية وخرائط المفاهيم والخرائط الذهنية والعروض المسرحية والاكتشاف الحر والمشروعات الجماعية.
التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء الموسيقي:
 يفضلون الغناء الفردي والجماعي والتلحين وتأليف الأغاني والاشتراك في فرق العزف والغناء والاستماع للموسيقي كخلفية للموقف التعليمي واستخدام الأغاني كجزء تعليمي/ تعلمي وجمع الأسطوانات وتصنيفها ونظم الكلمات وفق إيقاع واضح والتعلم التعاوني.
التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء الجسمي الحركي:
يفضلون إجابات الجسم ومسرح حجرة المدرسة وخرائط الجسم والمشروعات ولعب الأدوار والتمثيل المسرحي والتعلم باللعب الحركي والأنشطة الحركية والتعلم باليد والتمثيل والرقص والرياضة البدنية والأنشطة المحسوسة والمعسكرات وإجراء التجارب المعملية والتعلم التعاوني.
§  التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء الخارجي (الاجتماعي):
 يفضلون العمل في مجموعات والمناقشات بأنواعها وتمثيل الأدوار والتعلم التعاوني ومشاركة المجتمع والتمثيل والمحاكاة والألعاب والمشروعات الجماعية في المدرسة وفي البيئة المحيطة.


§  التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء الداخلي ( الشخصي):
 يفضلون طريقة حل المشكلات واستراتيجيات التعلم الفردي والاكتشاف الحر وإجراء البحوث والتجارب والألعاب الفردية وبناء الثقة بالنفس واحترام الذات وفترات التأمل.
§  التلاميذ الذين يتميزون بالذكاء الطبيعي:
 يفضلون دراسة الطبيعة والعناية بالحيوانات والرحلات ومتابعة الظواهر الطبيعية .
§  التلاميذ الذين يتميزون بذكاء القيم :
 يفضلون الدراسة خلال المجموعات والتعلم التعاوني ، والعمل الميداني وتعلم الرفاق ومشاركة المجتمع وتماثيل الأشخاص، والمشاركة في المشروعات.
  الذكاءات وأساليب المتعلمين في التعلم:
إن من بين الفوائد العلمية المهمة لنظرية الذكاءات المتعددة، في مجال الممارسة التعليمية، أنها شخّصت للممارسين التربويين الأساليب التي يتعلم بها كل متعلم، وذلك بحسب نوع الذكاء المهيمن عليه، وفيما يلي نعرض للأساليب الخاصة التي يتعلم بها كل متعلم  يتميز بصنف معين من الذكاء حسب العديد من علماء التربية:(جابر عبد الحميد، 2003، ص ص110:87)،             (Moran, Seana,2006 )، (سليمان عبد الواحد،2010، ص ص 88:76), ونوضحها كما يلي:
الذكاء اللغوي:
يتميز المتعلم الذي لديه هذا النوع من الذكاء، بكفاءة الاستماع، فهو سريع الحفظ لما يسمعه، وما هو مطالب بحفظه، ولا يجد في ذلك أي صعوبة، كما أنه يتعلم أكثر عن طريق التعبير بالكلام، وعن طريق السماع ومشاهدة الكلمات.
§  الذكاء المنطقي ـ الرياضي: 
للمتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء قدرة فكرية على التصور، وله أفكار جريئة، وهو كثير الأسئلة، ودائم التفكير، ويحبّ العمل بواسطة العلاقات والقيام بالتصنيف.
§  الذكاء الموسيقي:
المتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء متعلم حسّاس تجاه إيقاعات الأصوات، وقادر على التعبير عن أفكاره بالموسيقى، وهو يستجيب للموسيقى بطرق مختلفة.
§  الذكاء الجسمي ـ الحركي:
المتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء يتميز بأن له مهارة جسمية حركية، ويكتسب المعارف عن طريق الحركة، ويفضل معالجة المعارف بواسطة الإحساس الجسدي.


§  الذكاء الخارجي ( الاجتماعي):  
المتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء يستوعب أكثر عندما يتعلم أو يستذكر مع غيره، وهو يتواصل مع الآخرين بسهولة، ويفهم الآخرين ويتعاون معهم، ويحب الأنشطة والمشروعات والألعاب والرحلات الجماعية.
§  الذكاء الداخلي ( الشخصي):
المتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء يتميز بشخصية قوية، وثقة كبيرة في ذاته، وهو يتجنب الأنشطة الجماعية، إذ يفضِّل العمل بمفرده وإنجاز المشاريع حسب إيقاعه الخاص.
§  الذكاء الطبيعي:
المتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء يحب التعلم الحي وبخاصة الحقائق المستوحاة من الواقع الطبيعي والرحلات والمشروعات، ويحب التعلم خارج الفصل الدراسي.
§  ذكاء القيم :
المتعلم الذي يتصف بهذا النوع من الذكاء يحب التعلم التعاوني وفي إطار المجموعات والرحلات والمشروعات.
وتؤكد نظرية الذكاءات المتعددة أنه لا يجب على المعلم إعداد سبعة مداخل في تدريسهم، بل إن الطريقة المناسبة لتضمين نظرية الذكاءات المتعددة هي تصميم خطط للدروس وطرق تدريس متنوعة تسمح للتلاميذ بتنمية أنفسهم بطريقتهم الخاصة
     التطبيقات التربوية لنظرية الذكاءات المتعددة:
من أهم التطبيقات التربوية لهذه النظرية في مجالات التعليم والتعلم وفقًا للعديد من الكتابات:
(صلاح الدين عرفة، 2006 ص242)، Marisa Johnson, 2007))، (ليلى الصاعدي، 2008، ص ص154:153)، (محمد عبد الهادي ،2008ج ، ص 99)، (سليمان عبد الواحد،2010، ص ص 88:76).
§   تنويع طرق التدريس لتقابل التعددية في القدرات و الذكاءات.
§   تحقيق الإنصاف بين المتعلمين ذوي القدرات والميول والاتجاهات المختلفة.
§   استخدام الذكاءات المتعددة كمدخل للتدريس بأساليب متعددة.
§   مراجعة نظام التقويم بحيث يكون منصبًا على الأنواع المختلفة من الذكاءات المتعددة.
§   تنويع المواد والأنشطة التعليمية بما تقابل وتناغم التعددية في القدرات و الذكاءات.
§   تعديل أدوار المعلم في العملية التعليمية ليكون موجها ومرشدًا وميسرًا.
§   تصميم وتطوير وتطبيق مقاييس الذكاءات المتعددة واكتشاف قدرات التلاميذ مبكرًا.
§   تقديم حلول جديدة ومبتكرة تسهم في تطوير المناهج التعليمية بجميع المراحل.
§   التقويم الأصيل والحقيقي لقدرات التلاميذ وتوثيق هذه القدرات. 

ليست هناك تعليقات: